كم تشتكي!!!!
1 ـ كم تشتكي وتقول إنك معــدم والأرض ملكك والسماء والأنجـــم
2 ـ ولك الحقول , وزهرها وأريجهـا ونسيمها , والبلبل المترنـــــــم
3 ـ والماء حولك فضة رقراقــــــة والشمس فوقك عسجد يتضـــرم
4 ـ والنور يبني في السفوح وفي الـذرا دوراً مزخرفة وحيناً يهـــدم
5 ـ هشت لك الدنيا فما لك واجمــاً؟ وتبسمت فعلام لا تتبســـــــــم؟
-6 انظر فما زالت تطل من الثرى صور تكاد لحسنها تتكلم
-7 ما بين أشجار كأن غصونها ايد تصفق تارة وتســــــلم
-8 وعيون ماء فى الثرى تشفى الســــقيم كأنما هى زمزم
التعريف بالشاعر:
ولد شاعرنا في قرية "المحيدثة" بلبنان سنة 1890 م وجاء إلى مصر سنة 1902م واشتغل بالتجارة ، وتفجرت موهبته الأدبية في الشعر مبكراً فأصدر ديوانه (تذكار الماضي) سنة 1911، ثم هاجر إلى أمريكا الشمالية وأقام في(نيويورك) وانضم إلى (الرابطة القلمية) التي أسسها (جبران خليل) سنة 1920 – ونشر هناك ديوانه (الجداول) سنة 1927 - ثم (الخمائل) سنة 1946 وتوفى سنة 1957 .
التحليل الكامل للنص:
سوف نحلل النص هذه المرة بشكل مختلف حيث سنتناول الابيات بيتا بيتا بدءا ب اللغويـات ثم الشرح ثم مظاهر الجمال وهكذا . ولنبدأ بالبيت الأول :
1 - كَمْ تشتَكِي وتقولُ إِنَّكَ مُعْدِمُ والأرضُ مِلْكُكَ والسَّما والأنْجُمُ
اللغويـات :
- كم : خبرية للكثرة، ومعنى " كم تشكو " : كثيرا ما تشكو – تقول : أي تزعم و تدَّعي –
مُعْدِم : فقير ، اسم فاعل وماضيها أعدم
- السما : السماء وحذفت الهمزة للوزن وهذا جائز في الشعر ويسمى قصر الممدود وليس عيبا.
الشرح :
يخاطب الشاعر الإنسان المتشائم الذي يشكو بدون داعٍ قائلاض1 له : كثيراً ما تشتكي وتدّعي الفقر، مع أن كل شيء في السماء والأرض مسخر ومهيأ لك .
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر :
* [كم تشتكى وتقول] : كم تفيد كثرة الشكوى غير المبررة من الساخطين المتشائمين.
* [تشتكى وتقول] : كل منهما مضارع يدل على استمرار الشكوى وتجددها .
* [تقول: إنك معْدم] : أسلوب خبري مؤكد بـ " إن " لتأكيد الشك في فقره وزعمه .
* [والأرْض ملْكك والسما والأنْجم] : الشطر الثاني دليل على بطلان دعوى المتشائم بأنه معْدم ، والعطف هنا أفاد تعدد مظاهر النعم .
" ، وخص " الأنجم " ؛ لأنها تلائم التفاؤل بما فيها من نور وإشراق.
* [الأرض - السماء ، معْدم وملكك] : طباق يوضح المعنى ويقويه .
* [معْدم - الأنجم] : تصريع يعطي نغما موسيقيا .
2 - ولكَ الحقولُ وزَهْرُها وأَريجُها ونَسيمُها والبُلبلُ المُتَرَنِّمُ
اللغويـات :
* أريجهـا : عطرهـا ، شذاها ج أرائج
- نسيمها : هواؤها الرقيق ج أنسام
- المتـرنِّـم : المغنـى .
الشرح :
و يفصل الشاعر لهذا الإنسان مظاهر الجمال المنتشرة من حقول واسعة وما بها من زهر متفتح له رائحة عطرة ونسيم رقيق عليل وبلابل مغردة فوق الأشجار.
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر:
:* [لك الحقول إلخ] : أسلوب قصر يفيد التخصيص أي أنها بجمالها لك وحدك
* [لك الحقول وزهْرها.. إلخ] : التفات يثير الذهن يجذب الانتباه .
* [زهْرها ـ وأريجها ـ ونسيمها] : حسن التقسيم يعطي إيقاعاً وجرساً موسيقيا تطرب له الأذن .
* [وزهْرها ـ وأريجها ـ ونسميها ـ والبلبل] : تتابع العطف بالواو ؛ لتفصيل جوانب المتعة وتعدد النعم التي خص الله بها الإنسان.
* [البلبل المترنم] : تشبيه البلبل بإنسان يغني
* البيت الثاني : كناية عن كثرة النعم .
3 - والماءُ حَـوْلَكَ فضَّةً رَقراقَةً والشمسُ فَوْقَكَ عَسْجَدٌ يتَضَرَّمُ
اللغويـات :
* الماء ج مياه ، أمواه
-رقـراقة : ذائبة لامعة
– عَسْجد : ذهـب
- يتضــرَّم : يشتعـل والمراد يلمع ويبرق
الشرح :
والمياه الصافية الفضية تنساب حولك في الجداول ، والشمس التي تعلوك تسكب على الماء أشعة ذهبية فما لك لا تتفاءل وتسعد ؟!!
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر :
* [الماء حولك فضة رقراقة] : تشبيه للماء بالفضة فيه توضيح وإيحاء بالجمال.
س : أيهما أجمل : [الماء حولك – الماء أمامك] ؟ ولماذا ؟
جـ : الماء حولك أجمل ؛ لأنها توحي بكثرة الماء وبالتالي كثرة الخير ممثلاً في زروع وثمار .
* [الشمس عسجد يتضرم] : تشبيه لأشعة الشمس الصفراء بالذهب اللامع، للتوضيح والتشبيه يوحي بالروعة والجمال .
* [وعسْجد يتضرم] : تشبيه العسْجد(الذهب) نارا مشتعلة، وهذا الخيال مركب، حيث جعل كلمة " عسْجد " مشبها به في الصورة الأولى ومشبها في الصورة الثانية لتقوية الخيال .
س : أيهما أجمل : [عسجد يتضرّم – عسجد يتبسّم] ؟ ولماذا ؟
جـ :الأجمل (عسجد يتبسم)؛ لأنه يوحي بالسعادة والسرور، وذلك يناسب الأمل والتفاؤل، بخلاف: (عسجد يتضرم) فهو لا يناسب (التفاؤل)؛ لأن فيه معنى النار والاشتعال.
* [والماء حوْلك فضة رقْراقة والشمْس فوْقك عسْجد يتضرم] : بين شطري البيت حسن تقسيم يعطي جرساً موسيقيا تطرب له الأذن .
4 - النورُ يَبْنِي في السُّفوحِ وفي الذُّرا دُورًا مُزَخْرَفَةً وحِينًا يَهْدِمُ
اللغويـات :
* السفوح : م سفح وهو أسفل الجبل × القمم
– الذُّرا : م ذروة وهى أعلى الشيء - دورا : بيوتا و المراد أشكالاً
- حيناً : وقتاً ج أحيان ، ج ج أحايين .
الشرح :
النور (كما يراه المتفائل)أشبه بفنان قدير يرسم بأشعته وظلاله لوحات و أشكالاً جميلة فوق السهول والهضاب ، وعندما تغيب الشمس تختفي وتنمحي تلك اللوحات الرائعة .
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر:
- [النور يبْنى - وحينا يهدم] : تشبيه النور (ضوء الشمس) إنسانا يبنى أشكالاً مزخرفة ، ثم يعود ويهدمها ، وهى صورة ممتدة .
* [دوراً] : تشبيه أشعة الشمس والظلال بدور بنيت وشيدت .
* [يبْنى - يهدم ، السفوح - الذرا] : طباق يوضح المعنى بالتضاد ويفيد الشمول
* [نور – دور ] : جناس ناقصة يعطي إيقاعاً وجرساً موسيقيا تطرب له الأذن .
نقد : يعاب على الشاعر استخدامه لكلمة (يهدم) فهي غير ملائمة للنص و الأمل و التفاؤل .
-5 هَشَّتْ لكَ الدنيا فما لَكَ واجِـمًا وتبَسَّمَتْ فعلامَ لا تتَبَسَّمُ
اللغويات:
هشَّت : تبسمت و أقبلت -
الدنيا ج الدنا المذكر أدنى
- مالك ؟ : عجبا لك -
واجما : عابسا حزينا .
الشرح
يدعو الشاعر الإنسان لترك التشاؤم و الإقبال على الحياة فيقول له : لقد ابتسمت لك الدنيا و أقبلت عليك ، فلمَ تقابلها بالعبوس والكآبة ؟! ولماذا لا تبادل ابتسامتها بابتسامة من عندك ؟!!
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر:
(هشت لك الدنيا) اتشبيه الدنيا بإنسانا يبتسم ويضحك، وسر جمالها التشخيص، ومثلها " تبسمت " وهى امتداد للخيال يقويه .
(هشت – تبسمت) : ترادف ؛ لتأكيد معنى التفاؤل .
(هشت - وواجما ، تبسمت - ولا تتبسم): طباق ، يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد .
(فما لك واجما؟ - علام لاتتبسم؟) : أسلوب إنشائي/ استفهام غرضه : التعجب والاستنكار لموقف الإنسان المتشائم بلا سبب حقيقي .
(لاتتبسم) : التعبير بالمضارع "لاتتبسم" للتجدد والاستمرار
- 6 انظر فما زالت تطل من الثرى صور تكاد لحسنها تتكلم
اللغويات
مازالت : بقيثت x فنيت
- تطل : تظهر xتختفي
– الثرى : التراب المبلل بالندى
- تكاد : توشك وتقترب x تبتعد
لحسنها : لجمالها x قبحهاx
- تتكلم : تنطق .
الشرح:
يدعو الشاعر الإنسان للنظر إلي الطبيعة وكيف تطل الأزهار والأشجار في رونق رائع وبهاء لانظير له حتى أنها أوشكت على النطق من شدة الجمال .
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر:
[ انظر [ أسلوب إنشائي نوعه أمر غرضه الحث والنصح والإرشاد ودعوة للتمتع بالطبيعة .
[ مازالت [ كناية عن الاستمرار والبقاء .
[تطل من الثرى صور [ شبه ما يخرج من الأرض من أشكال الطبيعة كأنه صور جميلة .
- وتقديم الحار والمجرور [ من الثرى [ أفاد القصر والتخصيص .
- [ تكاد لحسنها تتكلم [ شبه تلك الصور وكأنها أشخاص تتكلم وسر الجمال التشخيص .
- [ لحسنها [ تقديم الجار والمجرور أفاد القصر والتخصيص .
- [ تكاد لحسنها تتكلم [ كناية عن شدة جمال الطبيعة .
-
7- ما بين أشجار كأن غصونه اأيد تصفق تارة وتســــــلم
اللغويات:
تارة : نوبة
– تسلم : تصافح
الشر ح:
يوضح الشاعر أن تلك الطبيعة قد تتمثل في أشجار رائعة تشبه تلك الغصون الأيدي التي تصفق أو تصافح
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر:
[ أشجار كأن غصونها أيد ) شبه الشاعر الأشجار كأن غصونها أياد بشرية تصفق .
[ تصفق ، تسلم ) أفعال مضارعة تفيد الاستمرار والتجدد واستحضار الصورة .
- 8 وعيون ماء فى الثرى تشفى الســــقيم كأنما هى زمزم
اللغويات:
عيون : آبار
- السقيم : المريض ج السقام و السقماء x الصحيح .
الشرح:
ويكمل الشاعر وصف الطبيعة بروعة عيون الماء ذات الماء الشافي كأنها تخرج من بئر زمزم .
مظاهر الجمال وركز مع الشاعر:
- [عيون ] جمع نكرة للتعظيم والكثرة .
- [تشفي ] فعل مضارع يفيد الاستمرار والتجدد واستحضار الصورة .
- [تشفي السقيم ] كناية عن مدى إفادة هذا الماء ورعته وتشبيه للماء بدواء شاف
- ربط بين الماء في تلك العيون وماء زمزم للتشريف والتبرك وإظهار مدى الإفادة .